متى يستلزم إصلاح فتق الحجاب الحاجز؟ وهل الحجم هو العامل الأساسي للإصلاح؟
- herniacore
- 4 hours ago
- 5 min read
للإجابة على هذا السؤال اقرأ المقال حتي نهايته.
مقدمة: ما هو فتق الحجاب الحاجز؟
يُعدّ فتق الحجاب الحاجز (Hiatal Hernia) حالة شائعة تحدث عندما يندفع جزء من المعدة إلى الأعلى عبر الفتحة الموجودة في الحجاب الحاجز (Diaphragm) - العضلة الكبيرة التي تفصل الصدر عن البطن. هذه الفتحة، التي تُعرف بالفتحة المريئية (Esophageal Hiatus)، هي ممر طبيعي للمريء للعبور من الصدر إلى البطن للاتصال بالمعدة. عندما تتسع هذه الفتحة أو يضعف النسيج المحيط بها، يمكن أن ينزلق جزء من المعدة إلى الصدر.
هناك نوعان رئيسيان من فتق الحجاب الحاجز:
1. الفتق الانزلاقي (Sliding Hiatal Hernia): وهو النوع الأكثر شيوعًا (يمثل حوالي 95٪ من الحالات). في هذا النوع، ينزلق الجزء العلوي من المعدة والموصل بين المريء والمعدة صعودًا ونزولًا عبر الفتحة المريئية. غالبًا ما يكون هذا النوع مصحوبًا بأعراض ارتجاع المريء.
2. الفتق مجاور المريء (Paraesophageal Hiatal Hernia): وهو أقل شيوعًا ولكنه أكثر خطورة. في هذا النوع، يبقى الموصل بين المريء والمعدة في مكانه الطبيعي، بينما يندفع جزء من المعدة بجانب المريء عبر الفتحة. هذا النوع لا يسبب دائمًا ارتجاعًا، ولكنه يحمل مخاطر أكبر لحدوث انحصار (انقطاع إمداد الدم عن الجزء المنفتق من المعدة).
متى يستلزم إصلاح فتق الحجاب الحاجز؟
الإجابة المختصرة لسؤالك هي أنَّ الأعراض والمضاعفات هي العوامل الأساسية في تحديد الحاجة للإصلاح الجراحي، وليس الحجم وحده. الغالبية العظمى من حالات فتق الحجاب الحاجز، خاصة الصغيرة منها والمنزلقة، لا تتطلب جراحة على الإطلاق وتُدار بالكامل من خلال تعديلات نمط الحياة والأدوية.
فيما يلي الحالات التي تجعل إصلاح فتق الحجاب الحاجز ضرورة أو خيارًا موصى به:
1. الأعراض الحادة والمستمرة لارتجاع المريء (GERD):
إذا كان الفتق الانزلاقي يسبب أعراضًا شديدة ومزمنة لمرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD) مثل الحرقة (Acid Reflux)، و صعوبة البلع (Dysphagia)، و التجشؤ المتكرر، أو الألم في الصدر، ولم تستجب هذه الأعراض بشكل كافٍ للعلاج الطبي المكثف (مثل مثبطات مضخة البروتون - PPIs) لفترة طويلة، فقد تكون الجراحة خيارًا مناسبًا. الهدف من الجراحة هنا هو تخفيف الضغط على المريء وإصلاح الحاجز المريئي الحاجز لمنع الارتجاع.
2. المضاعفات المرتبطة بالارتجاع المزمن:
قد يستدعي الإصلاح الجراحي لتجنب أو علاج المضاعفات الخطيرة الناتجة عن الارتجاع المزمن للحمض، ومن أهمها:
• مريء باريت (Barrett's Esophagus): وهو تغيير في بطانة الجزء السفلي من المريء نتيجة التعرض المستمر لحمض المعدة، ويُعتبر حالة ما قبل سرطانية.
• تضيُّق المريء (Esophageal Stricture): ناتج عن التندب المزمن (Scarring) في المريء بسبب الالتهاب المستمر، مما يجعل البلع صعبًا ومؤلمًا.
• التهاب المريء التآكلي الشديد (Severe Erosive Esophagitis): الذي قد يؤدي إلى نزيف.
3. فتق الحجاب الحاجز مجاور المريء (Paraesophageal Hernia):
يُعتبر هذا النوع من الفتق بشكل عام أكثر خطورة ويتطلب تقييمًا دقيقًا للجراحة حتى لو كانت الأعراض خفيفة. السبب في ذلك هو ارتفاع خطر حدوث المضاعفات التالية التي تهدد الحياة:
• الانحصار (Incarceration): حيث ينحشر جزء المعدة في الصدر ويصبح من الصعب إعادته.
• الالتفاف أو الفتْق الخانق (Strangulation/Volvulus): وهو الأخطر، ويحدث عندما ينقطع إمداد الدم عن الجزء المنفتق من المعدة، مما يؤدي إلى نخر (موت) في الأنسجة. هذه حالة طارئة وتتطلب تدخلًا جراحيًا فوريًا.
• النزيف أو فقر الدم (Anemia): يمكن أن يسبب الاحتكاك المزمن في الفتق نزيفًا خفيًا يؤدي إلى فقر دم مزمن.
4. الأعراض غير الارتجاعية:
بعض حالات الفتق تسبب أعراضًا ميكانيكية (متعلقة بالحجم والضغط) حتى بدون ارتجاع، مثل:
• الشعور بالامتلاء أو الألم الشديد بعد تناول كميات بسيطة من الطعام.
• ضيق التنفس (Dyspnea) بسبب ضغط الفتق الكبير على الرئتين أو القلب.
هل الحجم هو العامل الأساسي للإصلاح؟
كما ذكرنا، الحجم ليس هو العامل الأساسي وحده، ولكنه يلعب دورًا مهمًا ومختلفًا اعتمادًا على نوع الفتق:
في الفتق الانزلاقي (النوع الأول):
• لا يعتبر الحجم هو العامل المحدد الأساسي للجراحة. يمكن أن يكون فتق انزلاقي كبير نسبيًا ولكنه لا يسبب سوى أعراض ارتجاع خفيفة يمكن التحكم فيها بالأدوية.
• المعيار الأساسي للإصلاح هو مدى سوء الأعراض الارتجاعية وفشل العلاج الطبي في السيطرة عليها. الجراحة هنا هي في الأساس لإصلاح صمام المريء (عملية تثنية القاع - Fundoplication) أكثر من كونها مجرد إعادة المعدة إلى مكانها.
في الفتق مجاور المريء (النوع الثاني والثالث والرابع):
• يلعب الحجم دورًا أكبر وأكثر حسمًا، لكن ليس بمعزل عن نوعه ومخاطر مضاعفاته.
• الحجم الكبير للفتق مجاور المريء يرفع بشكل كبير من خطر الانحصار أو الالتفاف (Volvulus)، وهي حالات طارئة. ولذلك، يميل الجراحون إلى التوصية بالإصلاح الجراحي لفتق مجاور المريء حتى لو كان المريض لا يعاني من أعراض، أو يعاني من أعراض بسيطة، وذلك للوقاية من المضاعفات الكارثية.
• بشكل عام، فتق مجاور المريء الذي يكون حجمه كبيرًا ويحتوي على أجزاء كبيرة من المعدة أو حتى أعضاء أخرى (مثل القولون والطحال في حالات نادرة) يُعتبر مؤشرًا قويًا للجراحة الوقائية.
العلاج والتدخل الجراحي
1. العلاج غير الجراحي (التحفظي):
وهو خط العلاج الأول والأكثر شيوعًا، ويشمل:
• الأدوية:
• مثبطات مضخة البروتون (PPIs): مثل أوميبرازول ولانسوبرازول، وهي الأدوية الأكثر فعالية في تقليل إنتاج حمض المعدة.
• حاصرات مستقبلات الهيستامين 2 (H2 Blockers): لتقليل الحمض.
• مضادات الحموضة (Antacids): لتخفيف الأعراض بشكل فوري.
• تعديلات نمط الحياة:
• فقدان الوزن الزائد.
• تجنب الأطعمة والمشروبات المحفزة (مثل القهوة، الشوكولاتة، الأطعمة الدهنية، والنعناع).
• تناول وجبات أصغر وتجنب الأكل قبل النوم بساعتين إلى ثلاث ساعات.
• رفع رأس السرير أثناء النوم لمنع ارتداد الحمض.
2. التدخل الجراحي (الإصلاح):
الجراحة هي الخيار النهائي عندما يفشل العلاج التحفظي أو عند وجود خطر حدوث مضاعفات خطيرة. الطريقة الأكثر شيوعًا هي:
• تثنية القاع (Fundoplication): وهي عملية تهدف إلى تقوية صمام المريء السفلي (Lower Esophageal Sphincter - LES). يقوم الجراح بلف الجزء العلوي من المعدة (القاع) حول الجزء السفلي من المريء وخياطته في مكانه. هذا الإجراء يعمل كحزام، مما يزيد الضغط في المريء السفلي ويمنع الارتجاع.
• إصلاح الفتق (Hernia Repair): يتم سحب المعدة إلى الأسفل وإغلاق الفتحة المريئية المتسعة (Hiatal Defect) في الحجاب الحاجز بخيوط جراحية، وأحيانًا يتم تدعيمها بشبكة جراحية (Mesh).
• المنظار الجراحي (Laparoscopic Surgery): تجرى معظم عمليات إصلاح الفتق وتثنية القاع حاليًا بالمنظار، وهي تقنية جراحة طفيفة التوغل (Minimally Invasive) تستخدم شقوقًا صغيرة وأدوات دقيقة، مما يؤدي إلى تعافي أسرع وألم أقل.
ماذا يجب أن تفعل إذا كنت تعاني من فتق؟
إذا تم تشخيص إصابتك بفتق الحجاب الحاجز، فإن الخطوات التالية هي الأهم:
1. الاستشارة الطبية: راجع طبيب الجهاز الهضمي لتقييم الأعراض وتحديد نوع الفتق وحجمه.
2. التزام العلاج التحفظي: اتبع خطة العلاج الدوائي وتعديلات نمط الحياة بدقة.
3. المتابعة الدورية: الفتق الانزلاقي يتطلب متابعة لأعراض الارتجاع والمضاعفات (مثل مريء باريت).
4. تقييم الجراحة: إذا لم تنجح الأدوية في السيطرة على الأعراض أو إذا كان الفتق من النوع مجاور المريء، سيتم تحويلك إلى جراح لتقييم مدى ملاءمة التدخل الجراحي لحالتك.
فتق الحجاب الحاجز هو حالة معقدة يتطلب قرار إصلاحها الجراحي توازنًا دقيقًا بين الأعراض (في الفتق الانزلاقي) ومخاطر المضاعفات (في الفتق مجاور المريء). الحجم يلعب دورًا رئيسيًا في النوع مجاور المريء بسبب خطر الانحصار، بينما في النوع الانزلاقي، فإنَّ شدة الارتجاع وعجزه عن الاستجابة للأدوية هي الكلمة الفصل. إنَّ الهدف دائمًا هو ضمان جودة حياة أفضل للمريض وتجنب المضاعفات الخطيرة.
خلاصة القول:
اذا كان فتق الحجاب الحاجز من النوع الثاني او الثالث او الرابع يستلزم ذلك جراحة مهما كان حجم الفتق صغيرا كان او كبيرا.
اما اذا كان من النوع الأول فان الجراحة لا تبني علي حجم الفتاق ولكن علي الأعراض التي يسببها.
ويعد د محمد عصمت من المعدودين في مصر المتميزين في نتائج اصلاح فتق الحجاب الحاجز حيث يتم الاصلاح بدقة عالية ونتائج مرتفعة.
Comments