لماذا لا يفشل اصلاح الفتق الاربي بالمنظار ؟
- herniacore
- 4 hours ago
- 4 min read
لماذا تعتبر جراحة الفتق الإربي بالمنظار ناجحة للغاية؟
لا يمكن الجزم بأن أي عملية جراحية "لن تفشل أبدًا"، فمعدلات الفشل أو الانتكاس في أي إجراء جراحي، بما في ذلك إصلاح الفتق الإربي بالمنظار (Laparoscopic Inguinal Hernia Repair)، تبقى احتمالًا ضئيلًا ولكنه موجود. ومع ذلك، تُعد هذه التقنية من أعلى الإجراءات الجراحية من حيث نسب النجاح وانخفاض معدلات الانتكاس عند مقارنتها بالجراحة المفتوحة التقليدية في كثير من الحالات.

يعود السبب الرئيسي وراء هذا النجاح الكبير إلى المبدأ الأساسي للعملية، وهو التدعيم القوي والواسع لجدار البطن من الداخل باستخدام شبكة جراحية (Mesh)، مما يمنع الفتق من العودة.
1. التدعيم القوي والموسع (الشبكة الجراحية)
تعتمد التقنية المنظارية (سواء كانت TAPP - ترقيع الفتق الإربي عبر البطن، أو TEP - ترقيع الفتق الإربي خارج الصفاق) على وضع شبكة صناعية كبيرة نسبيًا على السطح الداخلي لجدار البطن لتغطية جميع النقاط الضعيفة المحتملة في منطقة الأُربية (منطقة الفتق)، وليس فقط مكان الفتق الظاهر.
• التغطية الواسعة: يتم تثبيت الشبكة لتغطي كامل منطقة الضعف في القناة الإربية، مما يوفر دعمًا ميكانيكيًا فوريًا.
• دمج الأنسجة (Integration): مع مرور الوقت، تنمو أنسجة المريض حول الشبكة وتتداخل معها، مما يُنشئ جدارًا ليفيًا قويًا ودائمًا يقاوم الضغط داخل البطن. هذا التدعيم الدائم هو حجر الزاوية في منع الانتكاس.
• قوة الشبكة: تُصنع الشبكات الحديثة من مواد متوافقة حيويًا (مثل البولي بروبيلين) تتميز بالمرونة والقوة الكافية لتحمل الضغوط الفيزيولوجية.
2. مبدأ "مقعد السيارة" وتجنب الشد
في جراحة الفتق التقليدية القديمة (قبل استخدام الشبكة)، كان الجراحون يخيطون الأنسجة المتباعدة معًا تحت شد (Tension Repair)، وهذا الشد يزيد من احتمال فشل الخياطة وتمزق الأنسجة مع مرور الوقت.
أما في جراحة المنظار، فإن الشبكة تُوضع ببساطة لتغطية العيب بدون شد على الأنسجة المحيطة (Tension-Free Repair). يمكن تشبيه دور الشبكة بـ "مقعد السيارة" الذي يغطي العيب دون أن يُغلق الثقب عن طريق سحب حوافه. هذا المبدأ يُقلل بشكل كبير من الألم المزمن ويُحسن من ديمومة الإصلاح.
3. فحص الفتق الثنائي (Bilateral Hernia)
يُتيح المنظار للجراح رؤية ممتازة ومُكبّرة للجانب الآخر من منطقة الأُربية (الفتق المقابل) في نفس وقت العملية، مما يسمح باكتشاف وإصلاح أي فتق غير ظاهر سريريًا (Occult Hernia) في الجهة الأخرى، وبالتالي علاج المشكلة بشكل كامل في جلسة واحدة ومنع ظهور فتق جديد في المستقبل القريب.
العوامل التي تُقلل من خطر "فشل" العملية
على الرغم من أن نسبة النجاح عالية جدًا، إلا أن هناك عوامل تضمن انخفاض معدلات الفشل إلى أدنى مستوياتها، وهي:
أولاً: العوامل الجراحية والتقنية
• خبرة الجراح: لا يمكن المبالغة في أهمية مهارة الجراح وخبرته في تقنية المنظار. يتطلب هذا الإجراء دقة عالية في فصل الأنسجة وتثبيت الشبكة بشكل صحيح لتجنب تحركها (Migration) أو انكماشها (Shrinkage).
• اختيار التقنية الصحيحة (TAPP vs TEP):
• TEP (خارج الصفاق): تتميز بأنها لا تخترق تجويف البطن، مما يقلل من خطر إصابة الأعضاء الداخلية أو تكوين الالتصاقات، وهذا يقلل من المضاعفات التي قد تؤدي إلى فشل غير مباشر.
• TAPP (عبر البطن): توفر رؤية أفضل للتشريح، وهي مفضلة في الفتوق المتكررة أو المعقدة. اختيار التقنية المناسبة للحالة يضمن أفضل النتائج.
• حجم ونوع الشبكة: يجب استخدام شبكة بالحجم المناسب والكثافة (Weight) الملائمة. الشبكة الكبيرة بما يكفي تضمن تغطية جميع "مثلثات الضعف" في المنطقة.
• التثبيت الجيد: يجب تثبيت الشبكة على الأنسجة المحيطة باستخدام دبابيس جراحية أو غراء فيبريني (Fibrin Sealant) أو خياطة، لضمان عدم حركتها قبل أن تندمج مع الأنسجة.
ثانياً: العوامل المتعلقة بالمريض
• الالتزام بتعليمات ما بعد العملية: يجب على المريض تجنب رفع الأوزان الثقيلة أو ممارسة أي مجهود بدني شاق لمدة 4-6 أسابيع بعد الجراحة للسماح للشبكة بالاستقرار والاندماج الأولي مع الأنسجة.
• السيطرة على عوامل زيادة الضغط داخل البطن: الضغط المتزايد والمستمر هو السبب الأول لانتكاس الفتق. يجب السيطرة على:
• السعال المزمن: علاجه والسيطرة عليه قبل وبعد العملية (خاصة للمدخنين).
• الإمساك المزمن: علاجه وتجنب الحزق المفرط.
• تضخم البروستاتا: علاجه لتقليل الضغط أثناء التبول.
• السمنة المفرطة: إنقاص الوزن يقلل الضغط بشكل كبير.
• الحالة الصحية العامة: مرضى السكري غير المنضبط أو الذين يعانون من اضطرابات في الأنسجة الضامة (مثل متلازمة إهلرز-دانلوس) قد يكونون أكثر عرضة للانتكاس، ولكن السيطرة الجيدة على هذه الأمراض تحسن من النتائج بشكل كبير.
هل الفشل يحدث بالفعل؟ (ماذا يعني "فشل" الإصلاح؟)
"فشل" جراحة الفتق يعني في الغالب انتكاس الفتق (Hernia Recurrence)، أي عودة ظهور نتوء في نفس الموقع أو بالقرب منه بعد فترة من الزمن.
معدلات الانتكاس:
• في الجراحة المفتوحة التقليدية (بدون شبكة): كانت معدلات الانتكاس تاريخياً تتراوح بين 10% إلى 30%.
• في الجراحة المفتوحة باستخدام الشبكة (Lichtenstein): تنخفض المعدلات إلى 1% - 5%.
• في جراحة المنظار (TAPP/TEP): تُظهر الدراسات الحديثة معدلات انتكاس أقل من 1% إلى 3% في مراكز الجراحة المتخصصة، وهي منخفضة جدًا وتنافس أو تتفوق على أفضل النتائج للجراحة المفتوحة.
أسباب الانتكاس القليلة المتبقية:
1. خطأ تقني: مثل وضع شبكة صغيرة جدًا، أو وضعها في مكان خاطئ، أو عدم تثبيتها جيدًا مما يؤدي إلى حركتها.
2. زيادة الضغط داخل البطن: إجهاد شديد ومبكر بعد العملية، أو حالات طبية مزمنة تزيد الضغط (كما ذُكر سابقاً).
3. فشل الشبكة: نادرًا ما قد يحدث انكماش كبير للشبكة، أو أن تكون طبيعة أنسجة المريض ضعيفة للغاية.
الخلاصة
إن جراحة الفتق الإربي بالمنظار تتمتع بنجاح استثنائي وتفشل في أقل من 3% من الحالات لعدة أسباب أبرزها: التدعيم الخالي من الشد باستخدام شبكة قوية وموسعة تُوضع من الداخل، والرؤية الممتازة التي تمكن الجراح من إصلاح جميع عيوب جدار البطن بدقة. إنها تُعد المعيار الذهبي لعلاج الفتق الإربي في الوقت الحاضر بفضل معدلات نجاحها العالية جدًا.
Comments